كانت الحقوق بالنسبة إلى شهب تضيء عتمة و وحشة سماء الحياة و بالحقوق
تبرق، تتألق و تضئ. لطالما و منذ صباي استهوتني شهب الحقوق و جذبتني اليها تأملا ،
تفحصا ، اعجابا و احتراما. منذ نعومة الاظافر و اناملي تمتد الى السماء ، محاولة
التقاط الحقوق بأصابعي و تعليقها كوسام مشع على صدر ثوبي. فكرمعي: ما الدنيا إن لم
يكن لك فيها ثوابت من الحقوق؟
نشأت ، علمني أبي ان الحقوق شبكة متداخلة ، متكاملة من الغزل و
النسيج. مثلما لك حق فللأخرين كذلك حق. طالما تفكرت، افند ما حقي و ما حق الأخرين؟
كنت ابتسم لحقي و ابتسم كذلك لحق الأخرين. هكذا الدنيا اخذ و عطاء. الله خلقنا
لنتمتع ببصرنا و قواتنا و بالدنيا المفعمة
بالمتع ، و حقه علينا ان نعبده ونخشاه.
في عمر الشباب كنت قد ادرجت من يسلبون من الأخرين حقوقهم تحت خانة
السفاحين ، المجرمين و القتلة. كذلك كنت قد صنفت من يتنازل عن حقوقه تحت قائمة
البعير. هكذا صنفت الناس جلادين و ماشية! قليل هم من يتمتعون بحقوقهم و قليل هم من
يقومون بواجباتهم طواعية. هكذا نشأت و على هذا كبرت و ترعرعت. جزارين و بعير.
ُتمحى كل ملامح الماضي الا الدروس التي تتعلمها و انت صغير.
اليوم، الوضع اختلف . أي حقوق و المظالم لامتناهية؟ أي حقوق ، انها – اليوم - قمة
البذخ و الرفاهية! صارت الحقوق بعيدة عني جدا. اتفرج
عليها كما يتفرج طفل جائع على اصحاب الكروش
يأكلون من وليمة خرافية! اليوم اناملي لا امدها لأحاول التقاط حقوقي ، فالحقوق
بعيدة المنال في الفضاء محتارة ، تائهة .
ذراعاي مربوطتان خلف ظهري، و لساني معقود و شفتاي ملتصقتان بشمع أحمر. اطرافي ما
عادت تمتد لشهب الحقوق ، ذراعاي خلف ظهري، الشهب في سمائي لا تضئ، بل تنوح و ها هو
مكمم في قلب السماء قمري. كيف لا ابكي اليوم ، على نفسي ، يا لقهري ، يا لقهري!
كنت في السابق حرة، و اليوم انا لست حرة. انا اسيرة و الأسر في لساني،
قلمي ، بصري وكل ذهني. انا من خوفي شنقت قلمي ، و ها هو حبره كالدماء ينقط. تسألني
قطراته : اين حقي؟ اين حقي في التعبير؟و اسأله اين حقي في الاعتراض او التظلم؟ اين حقي في
المأكل و المشرب دون ان ُالام لا على جوعي و لا على عطشي؟ اين حقي في المأوى الآمن
؟ اين حقي في التعليم القوي، تعليم ارتقي به لا تعليم الإحفظ صم و تحول الى حمار؟ اين
حقي في صحتي اذا ما ربي امتحني بمرض؟ اين حقي في العلاج و الطبيب الماهر؟ اين حقي
في نظافة شارعي؟ اين حقي في الماء ، الكهرباء، الوقود، الغاز؟؟ اين حقي في ان افهم
ماذا يفعل قادتنا بنا... اين حقي في فك الألغاز؟ اين حقي في الكتابة، و اين حقك يا
قلمي ؟ تسألني و أسألك يا قلمي ، لا تجيبني و اجيبك برفعة كتفين ومط شفاه ، انا
فعلا لست ادري.
كيف اقضي المتبقي من عمري بلا
أي حقوق ، بلا حول ، بلا قوة ! كيف و انا
المنزوعة الحقوق اتولى طلاسم أمري؟ لقد
اصبحت اليوم الزم بيتي. لصيقة انا بظلي! فإذا خفت جثوت اتمرغ في فزع ظلي. باتت
اليوم حقوقي وجعي ، أرقي ، عويلي ، بكائي بعلو الصوت! انا وانا من كنت واهمة ان
حقوق المرء لا تفارقه لا حين يدنو الموت. اتركوني ازعق بعلو الصوت. اين حقوقي؟ اين
حقوقي غير الملموسة. حقي في الأمان ، حقي في الحرية، حقي في الطموح و النجاح. حقي
في الفرح. حقي في ان احترم من اشاء و احتقر من اشاء. اين حقي في ان اختار؟ اين حقي
في ان اكون كما اريد ان اكون ، لا كما يريدني الجهلة ، الفجار؟
كفى يا شهبي ، انطفئي ، لا تؤرقينني ببريقك و الا نزفتك بكأس ماء. كفى
يا حقوقي ، لا تقفي أمامي وجها لوجه ، قد قلبت وجهي ظهر لأواجهك به. هل تفهمين؟
اغربي فقد وليتك ظهري. لا سيف معي و لا نبلة احارب بها العقبات في طريقي اليكِ.
انا اطالبك ان تغادريني ، اهجريني مليا و حقي هذا هو من حقوقي. اين حقي في الا
اخاف؟ الا ُاذل؟
يا شهب حقوقي ، ما عاد مكانك عاليا في السماء. يا شهب حقوقي انتِ
اليوم في جيوب الأشرار. يا حقوقي كفى ، اتعبتيني
. هيا تراجعي عني ملايين الخطوات ، قرون من السنوات. اتركيني. سأصلبك كما ُصلب
المسيح.
استهزأت حقوقي مني و من وعيدي. قالت لي متهكمة –" تهدينني ،
كأنما دحرت عدو. و تتحذلقين علي أنا؟ يا للعار ، يا للعار. "
عندها كل الحق شهبي وحقوقي. إما ان نعيش على مبدأ الحقوق او نموت بشرف.
اذا احس الابن بتقصير والديه معه ، عق والديه و عصاهم. و هما من ربياه صغيرا ، و نهاه
الرحمن عن قول كلمة " ُأف " لهما ،فكيف لا نعصي من سلب منا كل الحقوق و أي
حق. ُكل و اشرب و قر في حظيرتك ، بإمكانك ان تكلمت ان تقل بق بق. ،