كان "ولاد" شقيقة صديقتي فذهبت بالرغم من انني لا افضل حضور
هذه المناسبات التي غالبا ما تتصف بالزحمة و الأدخنة مما يجعل فرصة الراحة و
الاستمتاع قليلة فيها. غير ان "
الوالدة" هذه شقيقة صديقتي و كان
لزاما علي الحضور جبرا لخاطر صديقتي و اختها اللواتي احبهن جدا. دخلت الديوان لأجد
في رأسه فراش الوالدة المرتفع و مزين بزينة تجذب النظر و تجعل الناظر يتمتم اللهم
صلي و سلم على سيدنا محمد. كان الديوان ملئ بالضيفات ، وجدت فراغ صغير يكفيني بين
سيدتين احداهن في الثلاثينات و الثانية في اواسط اربعيناتها تضع اعلى رأسها المصر
الطالعي. سلمت عليهن و جلست. تفرست في ملامحي السيدة بالمصر الطالعي و هي تحشي
القات داخل جوفها. جاءت صديقتي شقيقة الوالدة الموفية كما يسمونها هنا في صنعاء
لتقدم لي القهوة القشر البيضاني و اوصت السيدتين بالتحدث الي كي لا أمل لأنها
اليوم ستكون مشغولة و لن تستطيع مجالستي. أكدت لها انني لن أمل و انني ماهرة في "مجابرة"
كل الناس. قالت صديقتي للسيدتين وهي تشير بيدها الى:-" انها كاتبة قصص قصيرة.
الأن بتكتب عن الخيانات الزوجية. يالله من معها قصة تقصها عليها."
ابتسمنا
جميعا و ذهبت صديقتي. الا السيدة بالمصر الطالعي لم تبتسم بل ظلت تضيف القات و
تتأملني. كانت تشبه الفنانة المصرية مريم فخر الدين ، او لعل لديها عرق منذ
الأجداد الأتراك في صنعاء اليمن. بادرتني :- "اقص عليش قصة؟" تساءلت
:-" قصة أيش يا خالة؟" اجابت بصوت قوي :-" هيا مه؟!! خبيرتش قالت
لنا نقص عليش اذا به معانا قصص عن الخيانة؟ انا معي قصة جن. مش من حق الخيانة
الخبلا حقكم هذه الايام. موبايل ، صور،
انترنت. قصص الخيانة ايامنا كانت دم و لحم." استغربت لسيدة متقدمة في السن
تفاخر بخيانات جيلها. بلعت ريقي مجيبة :- " تفضلوا يا خالة." سردت علي:- " اشتيش اول شيء تتخيلي معي بيت
عمي الذي تزوجت ليه ، الدور الأول مطبخ وغرفة كبيرة نفرش ونتغدا فيها. جنبها حمام.
جنب الحمام غرفة فيها غسالة و باب يوصل للحوش. بنضحي فيه. بعدا غرفة "
زيغيره" ترتاح و تمتد فيها منما دورها تطبخ الغدا. الدور الثاني فيه
سبع غرف نوم. غرفة لعمي و عمتي. الله يرحمهم قد ماتوا قبل هكذا خمس او ست سنين.
غرفة لأخو زوجي الكبير ومرته ، غرفة لعيالهم قدهم الأن الاثنين شباب. غرفة لزوجي و
انا كنا عرسان هذيك الأيام. غرفة لخوات زوجي شابات لكن عازبات. غرفة لأخو زوجي شاب
و عازب. و غرفة زايدة لاجا ضيف عندنا. و الدور الثالث كله طيرمانة جنان ، مطلة
نوافذها على بساتين خضراء.ومطبخ صغير نلصي فيه السود و نفعل القشر. و صالة واسعة
نصلي فيها. " قاطعتها :- " ما اهمية تفصيل البيت يا خالة؟ احكوا لي
القصة مباشرة." اجابت :-" الا ، لتفصيل البيت دور في تسهيل الخيانة و
فتح الباب لها. قصتي عمرها يمكن خمسة و عشرين سنة. " كنت اسمعها بصعوبة لأن
زفة الوالدة و ضجة توزيع اكياس اللوز و المليم كان يطغي على صوتها ، مع اعترافي
انني كنت اشرد احيانا متأملة جمالها المخلوط ما بين صنعاء و اسطنبول.. ما شاء الله
عليكم يا خالة. :) تربعت الوالدة على الفراش و سمعت السيدة بشكل
واضح . اكملت سردها قائلة :-" كنت
سعيدة جدا في بداية زواجي. كثيرا ما كنت ادعو والدتي و اخواتي و خوالاتي لكي
يخزنين في الطيرمانة من شدة فرحي بها و بجمالها. كان للطيرمانة و البساتين الخضراء
المحيطة بها ايضا يد في الخيانة. كان زوجي قد سبق له الزواج ثم طلقها بعد اشهر
قليلة و تقدم لي. لمحته عندما أتى لخطبتي و وشوشت امي انه لا يعجبني لأنه يضع
نظارة و اصلع و لديه كرش و شيبة. اما انا فكما ترين الآثار كنت جد جميلة."
قاطعتها :- " واضح ما شاء الله عليكم تبارك الله يا خالة." عادت تروي لي قصتها :-" نهرتني
امي قائلة اتقي الله ، الرجال في اول ثلاثيناته و لا سمع لش نخس. كان النخس التالي
الذي تنخسته في بيت عمي. المهم .... يوم كنت امسح زجاج طياق الديوان عيجين عندي
امي وخوالاتي . وجدت اخو زوجي الشاب امامي في الطيرمانة. وقف يثني علي قائلا
:-" ما شاء الله على أخي اتوفق. زوجة حميش ، نشيطة ، بنت ناس وجميلة
تفتن." كان يقف وسط الديوان و فوق كتفيه و خلفه خضرة البساتين فبدا لي ملك
هبط من السماء لمواساتي على حظي مع ذاك الأصلع ابو نظارة." يومها احسست
بغريزة ما ان هذا الشاب الوسيم المنير
كالبرق مشغوف بي. اجبته بكلمه لم يسمعها بعد ذاك الغزل _" الله يحفظك."
و سارعت بنزول الدرج الى غرفتي. لم ادر ، اكان يجب ان اصارح زوجي ليوقفه عند حده؟ كانت
مصارحة زوجي ستؤدي الى اعصار خفت من هستيريا هباته. ثم اعترفت لنفسي ان مصارحته
ستتسبب بنكران اخو زوجي لما سأقوله و اتهامي انا بالتحرش به و بالتالي يطلقني
زوجي. دائما المرأة في زنازين الشرف و العرض هي الخاسرة و لو لم يلمسها بشر.المرة التالية كانت و انا في المطبخ. كان دوري في طبخ الغداء. دخل يقول لي بصوت قوي :- " اشتي ذمول من يدش." حاول مد يده للإمساك بيدي. غير انني اجبته و انا اتراجع للخلف :- " قل لخواتك. انا ما أئتمر الا بأمر زوجي."اجاب و هو يقترب مني :- " مشن حميش مثلش ، و لا هن جميلات مثلش ، و لا هن ساحرات يفتنين خلق الله مثلش. انتي جميلة و هن شوعات. انتي ناضجة و هن غبيات. " يومها يا بنتي فهمت تلميحاته. و ان القصة لم تكن ذمول في نفسه بل انا نفسي في نفسه . غادرت المطبخ مستغفرة بصوت عالي الى غرفة الغسالة لأكمل غسيل زنين زوجي البيضاء ، فاذا به يخرج الى الحوش و يدخل للغرفة من هناك. شهقت عندما رأيته. اقترب مني متمتما :-" سعليش." ابتعدت و انا اكاد ابكي :- " ما تشتي مني؟" اجاب :- " اشتي اصلح حظش الأعوج. ظلمش اخي اقسم بالله. خلي كل شي على حاله. الزواج على حاله و العشق على حاله." دفعته عني و هربت الى غرفة عمتي. الغرفة الوحيدة التي لا يمكن ان يلحقني اليها. عمتي الله يرحمهم كانوا بيعانوا من مشاكل في الركب. دخلت الوذ بركبتيها . سألتها ان كانت تريدني ان ارزم لها فقالت ريت و الله. اخذت امسد ركبتيها و انا الهث. سقطت قطرات من دمعي على بطنها لكنها لم تلحظ بكائي فهي ليس أمي .اضغط على اصابع قدميها و المسكينة تئن و انا ابكي. كانت كلمات اخو زوجي كالنحلة في اذني. كان وسيم متورد الشفتين لامع الشعر و العينين. و انا انسانة من خلق الله. ماذا يريد مني هذا الذئب الوسيم؟ النفس امارة بالسوء و النجس. فجأة قالت لي عمتي :- " رزقش بالولد الصالح يا نظر عيوني. هيا انزلي اتفقدي الغدا لا يزيد يحرق عليش." امرتني بالترجل صوب القدر. نزلت لأجده في الدرج. اخذني من يدي وادخلني غرفة الراحة لمن تطبخ الغداء. سليفتي و خوات زوجي يتعمدن عدم النزول يوم دوري كي لا احرجهن بطلب أي معونة منهن. لم احتاج مساعدتهن، و لم ادعو الله ان يظهرن مثل ذلك الصباح المقيت. خطوت معه صوب الغرفة كأنما دون مغناطيس نومني. ابن عمي يا ابليس في بيت عمي. ليت ما حدث قبل خمسة و عشرون عاما لم يحدث. في الغرفة احتضنني اليه و قال لي انه يحبني. حدث يومها يا ابنتي ما تتوقعين انه حدث. لم اكن انا انا ، و لا كان هوهو. بل كان ابليس وكنت عفريتة. بكى و بكيت. طعم الخيانة كالسم في الحلق. سافر بعدها زوجي من اجل عمله ، و كان هو في كل ليله يبات فوق فراش اخيه و في حضني. حملت بعدها و عاد زوجي فأنبأته بخبر حملي. فرح و تقفز فرحا و اهداني قارورة عطر من شدة ضيقي من حملي اهديتها لأول مسكينة طرقت بابنا. انجبت ابني من عمه و انجبت لاحقا ابنا و بنتا من زوجي كانوا اخوة ابني الأول و اولاد عمه. كان وضع صرع تركيزي و قواي العقلية و اعصابي. استمرت العلاقة سنين عقب زواجه هو الأخر. كنا نستحق الحرق! "
سألتها متأثرة من هول القصة:- " يا الله! قصة فظيعة. الخيانة كنت
اعتقد انها في هذا الجيل و ان جيلكم عاد كان فيه الخير. بعيد من الحرام و يرتجف من
العيب. يا الله! حتى انتوا يا خالة؟" اجابت بتنهيدة :-" حتى احنا يا
بنتي." سألتها :- "طيب للأن العلاقة قائمة؟" اجابت :- "حتى
العام الماضي كانت مستمرة. لكنه خرج مع اسرته منزل مستقل فتوقفت العلاقة . اما انا
فكما ترين عشت حياتي زوجة اثنين. ابنتي لن ازوجها الا الى الصين اوكندا. مابش
زواجة لبيت عمها ، اخاف عليها تلقى ابليس مثل ابليس بيت عمي." دعوت الله سرا
ان يغفر لها خطيئتها. أنها – للأمانة- نكدت علي و عكرت صفوي بقدر كبير من التقزز. رجل و زوجة اخيه ؟ وعلاقة حرام طويييلة ، و انجاب و اخوة هم في
الواقع عيال عم. اسمحي لي يا خالة كانت خيانتكم سافلة ومنحطة. لماذا الحرام كثيرا ما يكون مستعمر و منتصر و
الحلال متقهقر و منهزم؟ لماذا الحرام ملك و الحلال عبيد؟ لماذا الحرام قوي و
الحلال ضعيف؟ النفوس امارة بالسوء ، ادري ان هذا صحيح ، لكن الله زودنا بعقل يميز حتى في الخيانة اي
الخيانة تقتل و ايها ُتخلف جريح؟
عدت الى منزلي و تخيلت ابنها ، واخوته الذين هم عيال عمه ، فطار النوم
من عيني و لم استطع ان انام.... لا كان أرق و لا كان نوم..... بل فيلم رعب مقزز و
مريع.