مقالات " ُأف " 18 زفرة



زفرة
مع دخول شهر مارس و اقتراب يوم 25 ، مع مرور ثلاث سنوات منذ اندلاع حرب دول التحالف على اليمن. نستوعب النكتة . العديد من الدول الغنية القوية تضرب بلد فقير ، مسكين ، تاريخه مع الحكام الطغاة بلا نهاية.   لماذا؟
تلك هي النكتة المشبوهة.
بعد ثلاث سنوات الملم ركامي و احاول جاهدة ان اقف. لكني اتساقط!

ليس من هول الحرب ، فالحروب على مر التاريخ و الأزمنة مهولة. لكن تساقطت لأنني لم افهم! لماذا تتكالب دول ثرية و قوية على بلد فقير، جاهل ومتأخر. لم افهم لما جارتنا المملكة ، التي كان يجدر بها أن تكن أما و سند ، طلعت " غولة"!!
احاول ان اقف لكني اتساقط. مرهقة لأبعد الحدود ، ُمحبطة لأبعد الحدود... آمالي جلية امامي لكني بيني و بينها موانع و سدود. ليت اجد من يقبل ان يكون بديل عني ، يحمل كل مسئولياتي و همي، يكون انا!  وتتركني التزاماتي و شأني. عندئذ سأقول لمن حولي لملموا عظامي و اخرجوني من وطني محمولة! ارموني على شط بعيد...اسمع اغان ، ابني بالرمال قصور ، اتفرج امواج البحر تناديني ، اسبح ، أنام ولا أكن عن أي شيء مسئولة!
احاول ان اقف فأتساقط. ها هو على الأرض عمودي الفقري، ها هي عظام ضلوعي ، عظمة فكي ، عظم ركبتي.  الله ها انا بين يديك تساقطت ُكلي.
التقطوا يا ناس رفاتي. ابعدوني عن وطني لكم انبني. اخرجوني منه محمولة. لا هان علي يا ناس أن ُيضرب اليمن و اهله بلا ذنب ، و لا هان علي ان تبق اسماء الجناة متنكرة او مجهولة.
تأملت عظامي على الأرض فأصبت بفزع. لم تكن عظام انسان بل عظام عنزة مصلوبة.  قد حولتنا الحرب الى عنز ، او غنم بالجملة. ليس لدينا راعي يرعانا و يتصدى لِعدانا لكن يحكمنا حكام طغاة، جبابرة ... لا بل هم رجالات دين مخمورة!  لم تسكرهم خمر ، لكن ملتاعين شوقا ل شرب دماءنا المهدورة.
ما عدنا نحيا الا من حلاوة الروح. لولا حلاوة الروح لانطفأنا و ذوينا. فنحن موتى دون ان نمت كما نحن احياء و ان لم نحيا.
اتذكرها ذكرى حية  ، مجنونة ، مجنونة. قبل ثلاث سنوات في ليلة الأربعاء 25 مارس ، سمعنا رعد حيث كانت ايام ممطرة. تجمعنا كلنا في الصالة نتساءل ما هذا الدوي. تركت انا الأخرى فراشي مفزوعة. لا، ليس رعد قالوا لي من كانوا قد تابعوا الاخبار، بل هي السعودية تقصفنا. تعطلت مني الحواس. تسألت :-" كيف يعني؟" كرروا على مسمعي :-" السعودية اعلنت علينا الحرب." السعودية؟ نعم. تقصفنا كيف يعني؟  طائراتها تذرع سماءنا كيف يعني؟ لماذا طيب؟ اجاب الكل :-" لا ندري." ازحت من جفوني حلمي العالق في اهدابي ، تقرفصت على الأرض مشدوهة :-" كيف يعني يا ناس كيف يعني؟" الحرب ليست نزهة ، فهل تدرك ماهي فاعلة بنا هذه المملكة الملعونة؟
و منذ ذلك اليوم يا قارئي اقسم بالله العظيم ، لم احس ان لي كبرياء ازهو به و لا حتى انني مسرورة.  الحرب خسارة كبيرة لكن للوطن و اهله فقط. اما الحكام ، رجالات الدولة فالحرب عندهم اعظم امكانية  للثراء بل ان الحرب لديهم غنيمة.  لا يفوت فرصتها الا حمار او بهيمة. هل يُعقل ان لا يستغل الفرصة رجل طالما اشتكى فقره؟  اما نحن العنز لنا الله. و المنتفع يزداد ثراءه و يسوي أمره. كلما طالت الحرب كلما تعسر الحل ، كلما امواج السلام تخاصم شطه.
لا بأس ، ما حدث قد حدث . ما حدث مؤامرة و لابد ان ندرك ان لا مؤامرة تنجح و الا و هناك الف عميل بيننا ينفذها بحذافيرها بأياديه القذرة.
لا ارمي الى الخوض في السياسة فلست افقه فيها الالف من الياء. كما لا ينقصني أي قرف.  و قد طرق بابي الجنون اثناء محاولاتي البائسة  لفهم التحليلات السياسية  و تناقضاتها فتوسلت اليه ان يؤجل زيارتي و ان يمنحني مهلة.
انا كل ما اعلمهـ ان كل شيء اصبح عادي. الناس تأكل من القمامة. عادي. موت الكثير اصبح أمر اعتيادي. رجل اضطر لإجراء عملية لزوجته تجنبها فقدان البصر فرهن ابنه . عادي. ماذا في ذلك عادي. الكذب عادي. الخديعة عادي. الخيانة عادي. حتى من تحاربوا صاروا صحبة و اخوة. عادي جدا عادي. العملاء يتكاثرون بيننا و يتغطرسون بلا حياء ، عادي الدولة دولتهم و الف عادي.
السنة الثالثة مضت و ستبدأ الرابعة. اتركوني و شأني. لا يسألني احد أي سؤال .اتركوني ابكي حد العواء. اتركوني اعوي ، انها اليمن التي ضاعت لا كلب و لا هرة.
اثناء هذه السنوات الثلاث مات مني غاليين. ماتت أمي ، وخال و عمه. مات كذلك اقارب رائعين وعزيزين. مات ناس لا اعرفهم . تحاججني صورهم في الشوارع. تحاكمني. تقاضيني. ما دخلي أنا؟ انتم متم لأنكم صدقتم. ما دخلي أنا تأنبوني في ذهابي و إيابي. لم يخطر على بالكم يا سذج  قذارة اللعبة.  تعالوا الأن تابعوا ما يجرى على ارض اليمن. ستصيبكم موتة غير التي بها متم.  من تحاربوا قد – سبحان الله = تقاربوا. قسموا المصالح ، اتفقوا ، لم يتركوا لنا العنز حتى قطعة من الكعكة. ثم شربوا نخب العمالة و تبادلوا القبل ، و نحن نكاد نتبلد من عد القبلة تلو القبلة.
المملكة تضرب اليمن من حبها لليمن و شعبه. يا للنكتة ، يا للنكتة!  لكنها كما تدعي تحارب الحوثة. اين الحوثة بين اشلاء من تقصفهم صواريخكم ، نساء و اطفال و رجال ابرياء ، اين الحوثة ؟ انهم قلة.
من اغضبه ما حل باليمن ، توجه للجبهة ، بلا حزبية بلا مذهبية فقط وطنية، آملا ان يعيد لليمن مجده، ثم مات ، سرعان ما يلصقون شعارهم على صوره و لا يفوتهم تذييل الشعار بزهر. لكي يظهروا و كأنهم اكثر من ضحى .
حرب العراق لم تنتهي. حرب ليبيا لم تنتهي. حرب سورية محرقة. فلما حرب اليمن ستتسهل؟ احاول ان اقف فأتساقط... و اطلق لكي لا اموت زفرة.

أحدث أقدم

نموذج الاتصال