اعتدت ان اكتب عن اليمن ، لأنها عشقي الأول والأخير و الوسط و ربما
اغرقت نفسي بتلك الكتابات بسبب غربتي الطويلة طوال طفولتي وصباي ومطلع عمر الشباب
. قليلا ما اكتب عن المظاهر الاجتماعية و قليلا ما اكتب عن الشريحة النسائية في
اليمن. لكنني لم اكتب و لا مرة عن الشباب. ربما لأنني لا اعرفهم حق المعرفة لكن من
خلال مجال عملي تعاملت مع اعداد كبيرة من الشباب المصنفين في شرائح ثقافية ، جغرافية و مادية متنوعة و بدأت اكون
وجهة نظر عنهم تسمح لي اليوم ان اكتب عنهم. استطعت ان ارى جليا ما هي مخاوفهم ، الصراعات
التي تعتمل بدواخلهم و تستقر بعد ان تسعرها الريح كالجمر الاحمر في عقولهم لا هم افلحوا
في إطفاءها و لا هي انطفأت . هذا الجمر المحرق هو عبارة عن مفاهيم سائدة و مغلوطة
و مسلمات ثابتة برغم اعتلالها ، يفرضها اغلبية الشباب الساحقة على كل من حولهم حتى
على الشباب القلة الذين هم مستنيرين، واعيين ، مثقفين او لنقل متفتحين.
الأغلبية التي تجتاحنا هي شريحة الشباب – و اتمنى الا يتفلسف احد – من الفئة
المتدنية التعليم ، المتزمتة ، غير مثقفة و لا ناضجة و لا حتى متحضرة! هؤلاء
الشباب من وجهة نظري هم عبارة عن تركيبة معتلة من المفاهيم المحتضرة و من الافكار
المخطئة في فهم المعنى الحقيقي لكلمة " الرجولة." الرجولة لا هي الصوت
العالي ، و لا هي القات ، و لا هي الآلي و لا هي الشاب الذي يخطو في المقدمة و
خلفه خواته الثلاث يسارعن للمشي في ظله و جباههن منحنية حياء ، يهمسن له ان يبطيء
سرعته و يتلفتن مخافة ان يكون صوتهن قد بلغ مسمع احد من المارة . بلا قرف! هذا ليس هجوما على غالبية الشباب المتصفين بهذه
الصفات بقدر ما هو وصف صريح - بلا تجميل –
لواقع شباب هذا الجيل.
هنا نجد القلة من الشباب المستنير ، المتفتح ، الذي يتمتع برؤية و ارادة قوية يتمنى ان يخرج من شرنقة التخلف و يحلم بيوم يجاهر فيه برأيه المتحرر ،لكن يخاف ان اخرج رأسه من الشرنقة ان يتم الاقتصاص منه و نبذه من جميع رفاقه و اترابه و اصحابه! تشعر بالشفقة العظيمة و التعاطف الجم وانت تتأمل هذه القلة من الشباب المستنير المتحرر كأنما " الحرية" قارورة خمر ، يتلفت الشاب يمين و شمال رعبا من مداهمته متلبسا بجرم حملها فيفضل دفنها في اقرب كومة قات او دسها خلف اقرب مقلب قمامة من المفاهيم.
فإذا كنت – ايها الشاب المستنير - غير راضي عن الثوب الذي تحاول
الاغلبية السطحية الباسك اياه لماذا تلبس؟ و اذا كنت غير مستسيغ زاد الركاكة و
التفاهة الذي تحاول الاغلبية السطحية التافهة تلقيمك اياه فلماذا تفتح فمك؟ نجد
الشاب المستنير المتحرر لديه آراء في منتهى الجمال ، و ارادة لا تضعف و طموح يبلغ السماء وطاقة تشغل مصانع.
تفكير و عقلية محنكة ذكية تبني اوطان ، لكنه عندما يلحظ الشاب المستنير أي ثوب يرتديه الأغلبية
يفضل الا يشذ عن القاعدة السيئة و يختار ان يكون مثل اقرانه و ابناء جيله او مثلما يتمتممواسيا عقله " من جيز اصحابي " حتى لو
كان شعرهم داعشي ، حتى لو كانوا يتحركون و الآلي خلف ظهورهم حتى لو كانوا في
منازلهم يتكلمون مع اخواتهم بالصفع و البصق ، حتى لو كانوا اوصال لحم متحركة من
التفاهة و التأخر عن الكاريزما الحديثة. يختار الشاب – و يا للأسف – ان يكون مثل غيره. مثلا
، هو مثال تافه و غير هام البتة لكنه مجرد مثال. الشاب الذي يتحرج من ذكر اسم
والدته مخافة ان يدعونه يا ابن فلانة ، اذا كان الله بجلالة قدره سيدعوك هكذا يوم
النداء و الحساب فما الذي يشعرك بالخزي و العار في اسم امك يا مذنب في حق امك ؟
تجد هذه الشريحة الغالبة من الشباب المتخلف الرجعي للأسف يفضلون عند التفكير في
الزواج مثلا ، البنت خريجة الإعدادي ، او الثانوي بالكثير و اذا كانت بالكاد تفك
طلاسم الحروف فذلك خير وبركة، دون ان يدركوا انهن ضحايا وان الضحايا يحتجن لاعادة تأهيل لا تزويج! قلة من
الشباب يختارون الشريكة جامعية و قلة من يختارونها موظفة. لماذا يرتاح غالبية اليمنيين
لمنخفضة الصوت ، من وجهها لصيق القاع ، الا يشفقون عليها و يستشعرون اهتزاز وجودها وهشاشة روحها؟ سأجيب نفسي بنفسي : لأنهم اساسا غير واثقين من انفسهم ، و يخافوا
ان اختاروا المتعلمة الا يفوزوا باحترامها وهم على حق فمن بالله يحترم شاب متزمت ،
متأخر عن الانسانية؟ لنفس السبب يفرون حفاة من البنت التي تقول " لكن " و
يتأففون ضيقا من البنت اذا صرخت " بلا"؟! لأن لا مخزون ثقافي لديهم
لنقاشها ، و لا لديهم حجة و لا برهان ولا دفاع قوي. لديهم قات و آلي و سلم الله و
بارك! لذا تجدهم يفضلون مهزوزة الشخصية ، المطيعة طاعة العمياء اهم صفاتها ، هذه تفوزبإعجابهم لأنها لا يمكن ان تكون ند في بلوغ اهداف المستقبل. يغرمون بها جميلة الوجه و
يهيمون بالقامة الجميلة ، لا يذكرون و لا يفكرون مجرد تفكير في شخصيتها. لا يهمهم ، لا يعنيهم الأمر! هنا اريد ان اتساءل : هل
اذا وجدت شريكة حياة تفتنك بجمالها ، و تغرم بتناسق قوامها هل ستحنطها وتقضي حياتك
سائحا تدور حول تمثالها تصور من اليمين و من الشمال؟ جمال البنت يا ناس ليس في مظهرها فحسب بل جمال
روحها و اخلاقها اهم و اروع و ابقى. الجمال في الشكل يذوي مع الوقت ويأتي يوم و
تنزل البنت من عربة الجمال في محطات العمر الأخيرة لكن جمال الروح يبقى ولا يشيخ.
لست اقوم بالدعاية المضادة للفتيات الجميلات او للفتيات غير المكملات لدراساتهن ،
لا والله على الاطلاق فهن غالبا ضحايا والذي يلوم او يريد معاقبة الضحايا انما هو ضعيف لا يجرؤعلى مهاجمة الظالمين. لكنني فقط اعني ان هؤلاء المسكينات يحتجن للعون كي يواكبن الناجحات ، فيشعين مثل الناجحات و يسعدن مثل الناجحات و يزهين بأنفسهن مثل الزاهيات.
يهتم الشباب التافه بجمال الوجة في شريكة العمر فإن توفر ، كل ما عداه يتقزم! و البنات يا خلق الله لسن دمى و لا الشباب روبوتات ولا من قد عشق او تزوج بمثقفة قد اجرم!
يهتم الشباب التافه بجمال الوجة في شريكة العمر فإن توفر ، كل ما عداه يتقزم! و البنات يا خلق الله لسن دمى و لا الشباب روبوتات ولا من قد عشق او تزوج بمثقفة قد اجرم!
حديثي اليوم موجه للشباب الذي يحمل في جوانحه رسالة نور. ماجستير في
الحرية الصحية و دكتوراه في الانسانية الحقة. انتم ايها الشباب المستنير يا من احسبكم بأصابعي
قلة للأسف، كونوا بعدالة شخصياتكم و ضوء
ثقافتكم و وضوح رؤيتكم اقوى! لا يخاف يا
ُبنيي النور من الظلام . سايف الرجعية و اطعن الافكار البالية بسيفك الأعلى. لا تخاف اذا اعجبتك فتاة كاشفة الوجه ، ملونة
الحجاب ، واضحة الكلام ، قوية الشخصية ، نافذة الطموح و التي تفرض احترامها على
الجميع. ما ذاك الذي يخيفك منها؟ هذه فتاة ُتعمر وتشيد. هذه فتاة ستستشعر مع الوقت
انها ُتزهر في عضلات زندك براعم لكن براعم تمدك بحديد. هذه فتاة لا تختبئ في الزوايا. لا تخاف من
رؤية ضعفها و كآبتها في المرايا. اما الأولى فشريكة عمر و اما الثانية فشريكة محنة ، تظل
طوال عمرك تجر معها ذيول الفشل. سل نفسك : هل ُتريد من شريكة حياتك ان تماشيك ،
قنديل منير وهاج يخطو معك فيضيء كل خطوة؟ ام تريد شمعة ذاويه تضيء خلفك ، اذا انارت لك ذابت بعد قليل او نفختها
فأطفأتها الريح؟ و تركتك على قارعة الطريق فاشل ، جريح.
انا اليوم اطالب الجميييييييييييييييع ، بإعطاء التخلف و الرجعية و
التأخر ضربة قاضية. قد لا نصرع التخلف و الرجعية من ضربة واحدة لكن لعلنا نفعل في
الضربة الثانية.