كنت على مكتبي افكر بعمق، في يدي قلمي ويدي فوق السطور.
الكتابة بحر تجدف فيه بقلمك. الكتابة ملكة خلاقة رائعة تجعلك تتزلج على الأمواج و
تطير في أعماق السماء دون جناحين بل
بقلم. اشعر حين اكتب انني انصر خير واهزم شر. اسعد جدا و اكتفي من كل الدنيا حين
اكتب لأنني اكتب ما اشاء. فجأة سمعت رنين تلفون بيتي الأرضي. قمت لأجيب. كانت
صديقتي سألتني ان كنت سأذهب لحفل زفاف صديقتنا يوم غدا. اقترحت ان نتشارك هي و انا
ونشتري للعروس هدية من اثنتانا . اكملنا المكالمة و وضعت السماعة عائدة ادراجي الى
المكتب. لم اجد قلمي عليه.
صمت ، تملكني عناد. اي جن هذا الذي يمازحني. قلت بسم
الله و اعدت البحث حتى تعبت فجاءت اختي فعاتبتني ان يكفي بحث فقد تسببت لها بصداع.
قلت بيأس :-" طيب اين قلمي يا ناس؟ يعني ركب أرجل و مشي؟" اجابت
:-" تناسي القلم. انسيه. ستجدينه غدا امامك. لا تحملي الأمر اكثر مما يحتاج.
ان هو الا قلم." اجبتها :-" لا ! ليس قلم. الفكرة نفسها. كيف اقتنع
باختفاء شيء كان في يدي." اليمن
مليئة بما خف وزنه و غلي ثمنه ، فلماذا يتسلط الجن على قلمي؟ ماذا عساهم يكتبون
به؟ حين يعيدونه الى مكان يعيدونه؟ عجيب هذا الجن!
ذهبنا جميعا لننام فلم استطع ان انام و قلمي عند الجن.
نظرت الى الكوب البلاستيك مزدحم بالأقلام و اشفقت على قلمي يعاني الأمرين في عالم
الجن الأن . سيطر على العناد فقمت على اطراف اصابعي لئلا يسمعني احد فيقول مسكينة
فقدت عقلها. ذهبت الى المكتب واعدت البحث و انا اقرأ قرآن و اذكر الأذكار. انا غير
مقتنعة بفكرة استعارة الجن لأشيائنا. غير مقتنعة ان الجن تطبخ فنشم في منتصف اليل
رائحة طبخ و الكل نيام. غير مقتنعة. بحثت في كل مكان. حتى الكتب على الرف اخرجتهن
كتابا، كتابا فلم اجده. غالبت البكاء حنقا و غيظا. ردوا قلمي يا جن! فجأة رأيت قلمي !رأيته في زاوية الغرفة خلف حوض شجر صناعي.
شهقت. اي شيء قفز به الى هناك. هل يكون الجن فعلا؟ مخيف ، للأمانة مخيف جدا. حصل
زلزال مثلا ، اثناء مكالمتي فطار القلم من المكتب وتهتز حتى وصل الى زاوية الغرفة
ثم علق خلف الحوض. عجيب بامتياز. امسكت به و انا الهث ، خلته استدار كالهلال او
الثغر حين يبتسم. ابتسمت له و قبلته. كيف كان عالم الجن يا صديقي؟ ما الذي رماك من
سطح المكتب الى خلف الحوض في زاوية الغرفة؟ سؤال بلا اجابة .
عادت فكرة الجن وسلفهم و اعادتهم ما تسلفوه
تستدرجني للإيمان بها. وضعته على الطاولة
بجانب سريري ونمت و انا افكر. لا بأس ايها الجن ان تسلفتم ثم اعدتم قلم ، ريموت
كنترول ، مفاتيح ، خاتم ذهب ، ملعقة. اي شيء صغير تسلفوه كما تريدون ما دمت
تعيدونه ، حتى لو لم تعيدونه عادي. تسلفوا
ما شئتم. لكن بالله قل لي يا قارئي كيف نفعل و الجن قد تسلفوا اليمن؟