مقالات (اُف) 11 الخيط الرفيع



مقالات اٌف 11
الخيط الرفيع
اكتشفت مؤخرا خطأ اعتقادي ان المجانين الذين نراهم في الشوارع حفاة، متكتل شعرهم من الاوساخ، رثة و ممزقة ثيابهم لم يجنوا الا بسبب هول عظيم تعرضوا له. بالأمس اتضح لي عدم صحة هذا الاعتقاد. تعلمت ان الانسان لا يجن من هول معاناة عسيرة واجهها بل يجن بعد ان يصبر على تلك المعاناة و يتحملها ، فلا تزول المعاناة و لا ينتهي الصبر . عندئذ تأتي أي مشكلة تافهة عابرة لا ُتذكر فتفقده عقله. لماذا؟ لأن تلك المشكلة السخيفة هي التي يقولون عنها " القشة" التي قصمت ظهر البعير. رأيت رجل من نافذة غرفتي في العمل رجل يمشي في الشارع. نظيف الملابس ، باد الوقار . يحمل في يد ملفين و في اليد الاخرى كيس قات. اشر للدباب فوقف له، لكن بدلا من ان يصعد ضرب جبينه كأنه تذكر شيئا مهم. ادخل يديه في جيبيه فلم يجد نقود. فتش في جيوبه الخلفية ، فتش في جيوب قميصه و لما لم يجد لا اوراق نقدية و لا افلاس اشر للدباب ان يمضي. عندها و الشمس في عز سخونتها، جلس على الارض، كان يصيح بعلو صوته داعيا الله ان يفرج على اليمن. كان يثق ان اليمن ستشمله في فرجها. رفع يديه ناظرا للسماء للدعاء غير انه ُفوجئ بتلك اللافتة تنبح في وجهه. " الشعار فضح الأمريكيين" و الكلمة الأخيرة مكتوبة بالأسلاك الشائكة .عندئذ في تلك اللحظة فقد الرجل عقله. كان يضحك بشكل هستيري. ثم قام يرقص . بدأ يغني :_" من افتضح؟ من ؟من؟ من افتضااااح، قولوا لي من؟ الامريكان و الا ابو يمن، لمن لمن ، لمن الفضيحة لمن؟"  رقص و راح و جاء في الشارع. اول مرة ارى شخص لحظة فقدان عقله.  اخذ اوراق الملفين وطيرهن في الشارع. جلس يخزن على الرصيف. دندن و سأل المارة:-" من افتضح ، من؟ لمن الفضيحة لمن؟ لمن؟" اعطاه المارة ماء ليخزن. اعطاه عابر اخر سيجارة. بعد اسبوع كانت ملابسه قد  اتسخت و تمزقت. لكن لم يجبه احد على سؤاله: من افتضح من؟
أحدث أقدم

نموذج الاتصال