مريح حد الرواق أن تتركنا الدنيا و سكانها – من المتفرجين علينا – نركن الى الحزن. الحزن لا يستوجب لا جهد و لا تصرف. انه محتوى الفاشلين. انه اسكات كل شيء فينا. ترخص كل القيم امامنا، تتناقص غلاوة احبابنا ، تعطينا ظهرها اهتماماتنا... تتقزم رؤوس الكرامة و الكبرياء بداخلنا. خلاص، في الحرب لا شيء يهم ، ابتداء من البيت الذي قد ُيدمر و انتهاء بالأرواح !
اركض الى بيتي ، و اقف على الميزان فأقرأ من الرقم انني لم افقد الا
كيلو لا ُيلحظ. اذن ؟ما سبب شعوري انني
نحيلة جدا وضعيفة جدا ، وان كل ملابسي واسعة وانني اشابه اشكال مجاعات
افريقيا؟ وزني لم ينقص الا قليلا، فلماذا
اشعر انني و خيال المآتة سواء؟ قتلونا
جيراننا أحياء! لماذا يا الهنا لم تنزل عليهم غضبك ؟ رد كيدهم في نحرهم ، انجدنا
منهم يا رب السماء.
عندي شعور انني حزينة. احاول ان اسقي بذور التفاؤل و الفرح من حولي ،
و ادفع بكلتا يداي التشاؤم و الاحباط للخلف در و اسجنهما في خزينة. سأرمي مفتاحها
الى الأعلى ، خذه مني يا ربي و حوله بقدرتك الى مفتاحا للفرج.
عندي شعور انني خائفة من ان ُاقصف انا و اهل بيتي و نحن نيام. اخاف ان
اموت و انا نائمة. سأموت دون ان ادري! فلا اري اهلي ، و لا احبابي ، و لا ارى
ثانية لا بيتي و لا وطني. اكاد ارى روحي وشاح ابيض مثل الأشباح ،يبحث بين الركام
عن اشلائي. حب الوطن شيء غريب لا يوصف. مهما عانينا و قاسينا منه لكنه يحتل كل ما
فينا. لو هربت منه و طلعت القمر ، سأجده يستقبلني ، فوق ارض القمر يقف اليمن. لو
انشغلت عنه بالورق و العمل و القلم.... اجد كل سطر يفتح لي احضانه لأكتب عن اليمن.
ما اليمن؟ انها كالدم يسري في اوردتنا... لم نختار اليمن وطن ، و لا هي بلدة
ازدهرنا على اراضيها، و مع ذلك نعشقها و نقبل ترابها و اذا نمنا في غيابنا عنها
زارتنا في المنام برائحة تربتها بعد المطر تنعشنا و تحيينا. شعور مخيف هو الشعور
اننا ُندفع قسريا الى نفق الفقر ، سكة الذي اذا راح لا يرجع! اتركينا يا جارتنا
نعيش ، لا قدرتم – حسب زعمكم - تساعدونا و لا انتم انسحبتم و تركتمونا. للأمانة لم
ار اوسخ من حرب السعودية على جارتها اليمن ، لا و لن اسمع!
نحن اليمنيين لسنا كلنا جهلة و لا كلنا جموع مسلحة. منا المستنيرين
كثييير و ندرك تماما ان ما يحدث في الوطن العربي مؤامرة غربية. نستوعب ان المخطط
سيتم تنفيذه عبر ايادي عميلة و فوق الجثث المتناثرة. لكن عتبنا على من باع ضميره و
باع وطنه بثمن رخيص. عتبنا عليهم ، لأن لولاهم لما نجح الغريب في توريطنا في حرب.
عندي شعور اننا لا حول لنا و لا قوة. ليس من ضعف منا ، ولكن من
ايماننا ان اقدار الاوطان العربية في هذا العصر ان تسقط الواحدة تلو الاخرى في هذه
الهوة. مهما كنا نفهم ما يحدث لكن المخطط سيتم ، و الله بإذنه سينجدنا لأن الله
ارحم.
للأسف بتنا قضية " ميؤوس منها ، لا احد يفكر فينا. لا احد يحاول ان
يفرحنا او يضحكنا ،او يجبر خواطرنا المكسورة. لا احد يحاول التخفيف عنا مصابنا
الجلل فقد فقدنا يا ناس اليمن ، و كرامتها فوق كل اراضيها مهدورة. على من نكذب انا
فعلنا و فعلنا و فعلنا.... ماذا فعلنا؟ لم نستطع مجرد تكدير صفو السعودية
المغرورة. لا احد يحاول اخراجنا في نزهة، او مرافقتنا للتسوق ، او وردة يهدينا. لا
احد يدعونا لوجبة في مطعم ، ولا احد يدعونا للدراسة و الجد و الاجتهاد. باختصار
نحن شعب ينتظر العالم متى يموت.
حزني ليس بسبب الحرب ، فلا يوجد حرب في هذه الدنيا لا يأتي عليها يوم
و تنتهي لكنه حزن على ما حل بالبلاد و كم تغير العباد. الفتنة باتت ملكة ، كل الناس يتوددوا لها
بإضرام نيرانها و ينفخوا من فوق جمرها الرماد. الناس تشتتوا. لكل منا اقارب اما
ماتوا ، او نزحوا و سجلوا انفسهم غياب. يا من تسببتم بهذه النكبة على اليمن ،ماذا
استفدنا منكم ، و أي نصر فيما فعلتم؟ على ارضنا مليون مسيلمة الكذاب. فهموني ان
كنتم فهمتم. حتى الجرعة التي ضيعتم اليمن من اجلها تضاعفت اضعاف مضاعفة فماذا
انجزتم؟ فهموني ان فهمتم. انتم فعلا تحاربون ، و ُتقتلون ، لا احد ينكر ذلك. لكنني
اعد قتالكم تكفير عن ذنب ادخال اليمن في حرب.... و هو للأمانة ذنبكم. ربي ...
اوهبنا الصبر و من علينا بالفرج... انت وحدك الوهاب.
سلوى الارياني