:- " من أنتِ؟ من تكوني؟ انظري ماذا فعلتِ بنا؟
أجبت
و أنا منهكة ، على الأرض ملقية :-" كل الناس يتهمونني أنني سبب ما وصلوا
إليه ، لكن أنا في الأصل عفية! أنهم بشركم المجرمون ، حقنوني بالجنون ، لم
يقبلوني قبلة الحياة، لكن قبلوني قبلة الإيدز و المرض، أما أنا ففي الأصل،
عفية! شوهوني و مسحوا بي كل نجسهم، عمالتهم ، طائفيتهم و جنون عظمتهم ،
أمراضهم النفسية. أما أنا ففي الأصل عفية!"
:-" من أنتِ؟ من تكوني؟ انظري ماذا فعلتِ بنا؟
:-"
أنا من في الأصل أنبتني الله في الصدور نبتة فطرية . لن تجد بجمالي و إن
تمشيت في الحدائق، لن تشاهد في سحري و لو تسلقت الجبال ، لن تصادف مثل
ألواني و إن تنزهت في المراعي. لن تلمح مثلي و لا بين النجوم المعلقة في
السماء. أنا فطرة الله، لا أرضى بالظلم و لا أسكت. فما ذنبي أنا إذا كان
بشركم مجرمون؟ حاصروني بأنصال شوكية. ذر فوقي – بشركم المجرمون – رماد
الجثث المتعفنة فحولوني إلى زهرة و لكنها ملعونة من قبل كل الناس. من مر
بجانبي سد أنفه من نتانة الرائحة و أنا في الأصل عطرية."
:-" من أنتِ؟ من تكوني؟ انظري ماذا فعلتِ بنا؟
:-"
أنا في الأصل حمامة تحررت بعد أن كانت في أقفاص الظلم مأسورة ، و هي في
الأصل ترفض العبودية. أنا في الأصل حمامة، أردت أن أتحرر و أحرر شعبي و معا
نحلق في آفاق الرقي و الازدهار و سيادة الإنسانية. سيحاسبني الله على نيتي
، لأن الله يحاسب على النوايا، و أنا نيتي خير ، سمو ، تقدم و سلام.
سيحاسب الله بشركم المجرمون على نواياهم ، حيث كانت كلها مصالح، عمالة و
آثام. أنهم بشركم المجرمون الذين لاكوا سمعتي. استهدفوا البسطاء من الناس
لتشوية صورتي، استهدفوا البسطاء ، الجهلة من لا يبتغون الا القوت و الأمان و
شوهوا سمعتي لديهم. قالوا لهم أنني السبب في غلاء القوت و انفلات الأمن و
الأمان و طبعا صدقوهم لأنهم بسطاء و روجوا و نشروا...و لعنوني. و أنا مهما
فعلوا أظل في الأصل عفية! أنا في الأصل حمامة ، فماذا سيوجد فوق جناحي
حمامة سوى أماني بحياة أفضل و حرية أكبر و كرامة. أنا – يا ناس – لم أرد
سوى سعادتكم، و أن أراكم يوم و لو في آخر الزمان هذا تحييون يا شعبي التعس
نجاح ، تقدم ، و احترام القيم الإنسانية. لأنكم مساكين للغاية يا شعبي ، لم
تعيشوا مثلما الناس تحيا لا في العصر القديم و لا في عصر ما سموه كذبا "
المدنية". لم تذوقوا يوما طعم السعادة الحقيقية. لكن للأسف ، هاجمني من
يكرهكم يا شعبي ، و من مصالحه مبنية فوق هلاككم يا ناسي، هاجمني لأنني كنت
سأرشدكم للنور. كنت أنا قد علمتكم التطلع للسماء. أنا قربت أناملكم من لمس
نجمة الحرية وسط نهد السماء. هَبوا "هم" و هم الأعداء فحاصروكم و بثوا في
مسامعكم أنني سأكون السبب في دخولكم النار. و أن من يتبعني هو من الزناة.
اذاعوا على مسامعكم أن من يتبعني انما يتبع الشيطان. كلموكم و أرهبوكم عن
عذاب القبر ، وعن درجات جهنم. قالوا لكم ظلوا في اماكنكم ، ظلوا في تأخركم ،
ظلوا بغبائكم و جهلكم. لا تعترضوا على شيء. لا تشتكوا من شيء. اقبلوا بأمر
الله. قالوا لكم لا تتحركوا لأنكم إن تحركتم ، تحركت الأرض و تشرخت من تحت
أقدامكم. في شقوق الأرض عفاريت و ابليس منتظرا لكم فاتحاً أحضانه النارية.
أرهبوكم كما يفعل أي ديكتاتور! لعنوا الثوار و أسموهم " شوية ثورجية رعاع"
، وصفوا " الثورة" بأنها "عورة". اجهضوا الثورة الحبلى و أغرقونا في
الدماء ، دماء الأجنة ، و دماء الشهداء الأبرار، ثم صاحوا بأصابعهم المضرجة
بالدماء " أهذا التغيير الذي أردتم؟" و هتفوا " يلعن أبو الثوار". بل لعن
الله آبائكم أنتم يا عملاء ، يا عبدة المال. "
:-"من أنتِ؟ من تكوني؟ انظري ماذا فعلتِ بنا؟
أجبت:-"
أنا - و أقولها بكل فخر - الثورة ، أنا كلمة من أربعة أحرف. كلمة صغيرة
سهلة النطق و عملاقة الأهداف ، خلاقة للمعاني. لا يستوعبني من يراني ، لا
يعيني من يسمعني، لا يميزني من يقرأ عني.... و لا يدركني إلا من أحس
بإحتياجه الماس إلىَ. أنا كلمة صغيرة نتائجها بعيدة تبتغي الصبر سبيل. أما
الثاء فهي ثوروا على من أنتزع من أحضانكم الثورة و كانت لم تزل رضيعة. أما
الواو فهو واجهوهم ، اصدعوا بالقول أنها ثورتكم لا ثورة سواكم. ثورة ليمن
أفضل لا ثورة لعودة السيء بعد تجربتنا للأسوأ ! نريد اليمن المتقدم ،
القوي، المحترم لا الذليل و لا الفقير و لاالتابع و لا العميل و لا المنقب!
أما الراء فهي رضينا بكم – و كانت غلطة العمر – وقت الضعف ، لنخرج من عنق
الرجاجة. أما الأن و قد خرجنا ، أغربوا عن أوجاهنا فقد منحناكم بمرافقتنا
بعض التطهر من ذنوبكم و آثامكم و حان وقت أن ننفصل لأنكم نجس. نريد رسم
الثورة كما أشتهيناها نحن، بألواننا و ريشتنا نحن ،و ليتنحى أصحاب اللحى من
أفتوا أن الرسم حرام. أما آخر حرف و هو الهاء، فهي هبوا يا كل من لا زال
في عروقه نقطة دم. هبوا يا كل من لا زال متشبث بتلابيب الأمل و التفاؤل.
هبوا يا من تبوسون بشفاهكم تراب اليمن, يكفي تصفيق للطغاة ، من زادوا علينا
المحن . شبعنا تطبيل و تجشأنا تزمير ، فأهتفوا باسم اليمن. توحدوا و وحدوا
هدفكم، جددوا شباب القول و الفعل، يكفينا ما قد لحق بنا من فشل نتيجة ضعف و
غباء العجزة، الكهول ، الكبار. كلهم مجتمعين لا يساووا "فكرة" من أفكار
الشباب!
قبح
الله أوجاههم من قبح أعمالهم. الجزارين ، ذبحونا كالجاموس و من مهارتهم لم
يستخدموا لا سكين و لا رصاص. لكن ربطوا أعيننا و جعلونا ندور حول ساقية
فشعرنا بالدوار.. منا من داخ، منا من اصيب بالدوران ، منا من تقيىء ، منا
من بكى ، منا من مات! نحيا حياة الجواميس ، كل نقاشنا عن متى نتوقف عن
الدوران؟ لا نتطلع لا لماء ، و لا حرية ، و لا سكن ، و لا أمن ، و لا تعليم
، و لا صحة ، و لا إنسانية، و لا زاد...و لا لحياة راقية. فقط همنا هو "
متى نتوقف عن الدوران؟" نحيا يا شعبي كالجاموس...و أنا مثلكم. لست بمنأى
عنكم. أسألكم و تسألوني "متى طفوا الكهرباء؟" " متى رجعت الكهرباء" " أين
الطابور الأقصر للبترول؟" " أين في رمضان و عيد أصوم و أعيد و لا أقف في
طابور."
أنا
أريد أن أبكي.... و من أراد البكاء فاليأتي. هنا زاوية البكاء. يأتيها كل
من صدق.. لم يبيع ، لم يمثل ، لم يركع... هنا زاوية من كبرت أماله و قلت
حيلته ، أما الجبار فاليرجع ، هنا زاوية البكاء لكل من يعرف في الثورة
الألف حتى الياء. الخلاصة؟ أنا في الأصل عفية.